vendredi 29 janvier 2010

dimanche 24 janvier 2010

dimanche 17 janvier 2010

الطلبة، اليسار والنظّارات الجديدة

ثم كانت سنة 68، قبلها وبعدها بقليل اتى طلبة الجامعات امرا خطيرا، وما فهمه وقتها هو انهم مشاغبون، ويتطاولون ولا يذكر على من يتطاولون، كلمة "اليسار" تطوف حول الجميع ويتظاهر الجميع بفهمها، من وقتها الى الآن... ثم وفي السنة التي بعدها، والتي بعدها ايضا، عاد الطلبة الى عهدهم باثارة الاحاديث عن اعمالهم وانتشرت اخبارهم، واكثر من تحدّث عنهم من جملة من كان حوله وقتها هو الامّي الوحيد في العائلة الكبرى، وهو أحد اصحاب الهيبة/والمال/ في العائلة الكبرى، واعجبه وقتها على اميّته اهتمامه باشياء فيها من المعقّد الكثير، المعقّد عليه في امّيته وعلى غيره من المتعلمين ايضا... هو /الامّي من الكبار/ على الاقل حاول ان يفهم واهتم بالامر خلاف المتعلمين من البقيّة، يذكر انه كان يتلذذ نطق بعض الاسماء من زعماء الطلبة الذين ذاع صيتهم لسوء حظهم، وقتها، وكان يتلذذ ويتلذذ ويعرض ويستعرض نطق الكلمات الجديدة عليه، نطقا تقريبيا جدا طبعا، يكاد لا يعرف له الطالب الجامعي اسمه او اتجاهه السياسي وموقعه من الخلطة-العجنة الكبرى، ولكن ذلك ما كان يفسد عليه متعة الجولان في عالم جديد عليه، عالم هو فيه غريب يتيم، اعمى... كل معلوماته عن سيرة الطلبة وحروبهم المتواصلة مع البقية كانت تصله من الامي الوحيد في العائلة، وكان يخلط وقتها بين ما كان يصدر عن الطلبة في فرنسا وما كان يصدر عن الطلبة في تونس، كما كان يخلط ما بين فرنسا وتونس في امور كثيرة... اما عمّا اقترفه حكّام تونس (شخص واحد) في حق الطلبة في تونس (معتقلات التعذيب) فما كان يدور في الاحاديث، كانت الحكاية تشبه لعب الورق بدون قمار على مال، حيث انك لا تخسر الا شكليا، وذلك بعد ان انزل الكبار ستارا على الدهاليز والمحاكمات فالدهاليز بعد المحاكمات... ميسر دون اليسار... كل هذا الكم من المعلومات، مع نسبيتها وتفرقّها واهترائها وغربلتها وكذبها طبعا، جاء من الامي الوحيد في العائلة من الرجال، فكل النساء اميّات باستثناء والدته، التي كانت ايضا تجهل العربية جهلا تاما وتجهل منها حتى حروف الهجاء وبالمقابل، كانت تتقن الفرنسية الكلاسيكية جيدا وتكتبها لسبب مجهول بحروف كبيرة عملاقة، جملة ونصف في صفحة، جملتان على الاكثر وانتهتْ الصفحة... ثم وبعد سنين قليلة فهم من كان حولها السبب: ضعف بصرها في سن مبكرة وحفظت سرّها، وهل كانت ستبوح هكذا بشيء من مشاكلها!... ثم ظهرت لها نظّارات ولكن.. تركتْ كتابة اي شيء اذ صار اولادها يكتبون عنها ان هي احتاجت ذلك... تذكّر سيرتهم، سيرة الطلبة واعمالهم، تذكرهم لما نام اول ليلة على الاسمنت لما صار طالبا... وحان وقت قطافه كالبقية... ما مرّ عام والبلاد ليس فيها طلبة مساجين... بضاعة يمكن ان تسوّق للسواح، كما "الرباط" و"حمّامات انطونيوس" في قرطاجة، اصالة قديمة... كاد ينقرض من العالم منظر الطلبة المساجين، بل انقرض فعلا... انقرض من العالم المسكين ممكن، اما عندنا، فلا! ابدا! كل عام ونحن بخير... وكل عام نهتف: الحرية للطلبة المساجين!

بطاقات بريدية بصور الطلبة المساجين يمكن ان تباع للسواح حتى يعرف السواح انهم في بلد حفظ آخر التقاليد القديمة من العهود السحيقة... ماركينيتغ العولمة يتتطلب ذلك...

افهم لماذا تركتْ بعد الحروف الفرنسية الغليظة، تركت نظاراتها والتلفزة، وتتظاهر بالسهو النسيان، وهل كانت ستبوح هكذا بالبعض من الدمامة التي تحيط بها؟... تصمتُ كالعادة... كل عام ونحن بخير وفي المرتبة الاولى ابدا!

samedi 16 janvier 2010

الطلبة خلف القضبان... حديد من جديد

جانفي من جديد، وطلبة الجامعات خلف الحديد، هكذا، لا يحلو لنا، لبعضنا، جانفي، الا وطلبة الجامعات خلف الحديد، ما سرّ عشق الطلبة في تونس لهذا الحديد الشتائي البارد؟ لا بد من تغيير كل هذا! تغيير مرة واحدة... حتى اذا هلّ جانفي، بعد احتفالات راس السنة ككل عام ، كان الطلبة اما على مقاعد الدرس او في مآربهم، واعرف انهم من مدمني السجون والمحتشدات، لذلك، يجب وضع قانون، صارم، قاطع، شامل، يمنع عن الطلبة، بقوة القانون، التسكع في السجون، على الاقل في شهر جانفي، ككل عام... مذ كان في تونس طلبة... طلبة الجامعات

لما سألني هذا الصباح احد الصحب من الاجانب ان كان لنا في تونس، حسب الصحافة العالمية، طلبة جامعات مساجين، كان اهون علي ان اقول انه ليس لنا جامعات بالمرة من اقول انه لنا طلبة جامعات مساجين... ما مرّ عام، ذلك الذي يبدأ بجانفي، وتونس ليس فيها طلبة مساجين

وتذكرتُ بدر شاكر، الصديق القديم

وكل عام - حين يعشب الثرى- نجوع

ما مر عام و العراق ليس فيه جوع

وكلّ عام سيخرج من يمتص رحيق العراق..
وكلّ عام..

وفي العراق ألف أفعى تشرب الرحيق

من زهرة يربها الفرات بالندى

بدر شاكر السياب

lundi 11 janvier 2010

في الحديد والميتافيزيقا

اعادة



اذكر فضولا آخر... ادخلتُ رأسي بين قضبان حديدية على النافذة الوحيدة في اول مؤسسة تعليمية للصغار وذلك في اليوم الاول، في الدقائق الاولى... كلّفني ذلك الفضول وقتا وانا حبيس القضبان، مؤخرتي الى القسم، والاطفال يضحكون حتى خلّصني المعلم... بعد الخلاص، انهالت الاسئلة "ماذا هناك"؟ اسئلة من صبية ما تعرفت عليهم بعد... ما اجبت مباشرة، تريثتُ برهة، اتفحص الوجوه الجديدة التي تختلف عن الوجوه التي الفتها بالبيت، اتفحص واتعرف على الوجوه و... انتقمُ من ضحكهم على منظري لما كنت حبيسا، يدفعون الثمن، وفي ذلك عدالة، بعض العدالة... اصمتُ... امطط الوقت وانتشي من عجزهم وفضولهم... وخصوصا من قيمة كلماتي... ثم لما شعرت ان فضولهم يمكن ان يفتر وانني يمكن ان افقد اهتمام الجماهير اطلقتُ العنان للكذب، اكذب واكذب واقص خزعبلات لا اذكرها الان، لا اذكرها فعلا، كذبت كثيرا في ذلك اليوم الاول في الساعة الاولى من المسيرة الدراسية والاهم في اول لقاء لي مع الناس، اذ ما كان بالبيت ناس، بالبيت اهل وهؤلاء الصبية هم اول البشر عندي... وكذبت لانني ما رأيت شيئا، كنت كالاعمى، اذ ذُعرت من الفخ الحديدي حتى نسيت سبب زيارتي للميتافيزيقا وتجمعتْ كل طاقتي في حركة غريزية قوية مصممة اسحب بها رأسي الى الخلف، ولا شيء آخر، الى الخلف مهما كان الثمن، فالخلف فالالم، واشعر بالالم من القضبان حول رقبتي... الشباك كان يفتح على فضاء خلف تلك الروضة، خلف العالم وقتها، فضاء داخلي لا يراه الاولاد ابدا، واردتُ، من الدقيقة الاولى ان اعرف ما به.. تذكرتُ ذلك الصباح لما اصبحت اول مرة بعد سنين طويلة، وبعد ان رأيت من وجوه البشر الوانا، خلف قضبان اخرى لم اكن اعرف ما خلفها ايضا... قضبان غليظة هذه المرة، ما احسنتُ اختيار الوقعة... قضبان لن يبعدها عن بعضها من حول رقبتي معلم مهما كان... العكس، من بعض من كان معلمي هو الذي قرّبها بدروسه من بعضها حولي رقبتي... اذكر الاول (المنقذ) والثاني (المضلل)، في حركة المد والجزر، الخلاص والوقوع، ذهب الاول، كما تذهب كل الاجساد يوما، وصار الثاني من الاصدقاء، علاقة صداقة متينة، يربطني به الحديد... وهل هناك ما هو امتن من الحديد؟ والى الآن اجهل ماذا كان في ذلك الفضاء خلف الروضة...

jeudi 7 janvier 2010

لما بقي البحر بدون باب

للباب، لذلك الباب ان يعتقد في سذاجة الابواب الابدية والكاذبة في اغلبها، انه يغلق دونه البحر... الباب، كل باب، يظن دائما انه يغلق دونه شيئا.. مرّ دهر او بعضه وهذا الباب يقوم على حراسة البحر... ولكن، وما لم تتخيله الابواب السبعة الاخرى مجتمعة في اركانها القديمة، بعد ان ضربت عارضاتها الخمسة في دفاتها الستة ومساميرها وحلقاتها وفكّرت واعتصرت اخشابها ودهانها الازرق، الاصفر احيانا، يقطر على جدرانها البيضاء، الرمادية احيانا، واجتهدت، كما يجتهد الخشب، لم تتخيل انه من الخلع ما يُـبقي البحر مفتوحا على الدنيا، هكذا، لا باب ولا رتاج... بحر وانتهى... دونه والفراغ المحيط... كما قبل الخلق... خلع من نوع آخر، نهائي يعني بدائي، استثنائي يعني ثنيته حادة، خلع لا يترك الا وشم المسامير على الجدران... خلع على عجالة كما يخلع اللصوص ما يخلعون، بضربة صمّاء، ضربة واحدة وانتهى... بعدها افواه داكنة غبراء مفتوحة بدون شهية سريعا ما تسكنها حشرات الباب القديمة، وتظهر فيها حياة اخرى واجيال واطوار وحركة دخول وخروج وعمران حديث، كله ينتهي الى الحديث، حديث يلمعُ من فرط حداثته في الافواه... وحدث ذلك في صباح شتاء قريب في بُعده مقارنة بعمر الارض طبعا، اما في عمر الجمهورية، من ايام صاحبها الاول الى اليوم، فالحادث بعيد... او العكس... المهم، لم يكن البحر مع حكمته طبعا يتخيل ان رشد البشر وصواب قراراتهم الاستشرافية يمكن ان يخلع عنه بابه يوما... بين قوسين: كل الحكمة التي تُـلصق بالبحر هي من نسج فريق من الشعراء الذين، اولا إما ما رأوا البحر يوما، او هم من الذين يصيبهم الدوار من اسهل وسائل النقل و اكثرها راحة، اما عن الذين يصيبهم الزكام لتبلل ارجلهم بقطرات مطر شحيحة فلا حديث، لذلك، ما يُعرف عن البحر من حكمة هو في نهاية الامر، وتبعا لذلك في بداية الامر، من نسج "ماعون صنعة" الكتبة... يعني من روايات من لا صنعة له، للدقة: لا صنعة له تنفع المجموعة، يعني لا صنعة تنفع في خلع باب البحر في نهاية الامر يعني في نهاية العهد... اذ لا امر، من زمن الجمهورية الاولى الى اليوم، الا للعهد، وهو دائما عهد احدهم... يعني امر احدهم، والامر كان بخلع الباب... باب البحر طبعا
جف الكوز اذ انتهت البيرة، وجب لذلك النزول الى الدكان... على البحر ان ينتظر، من هنا وحتى الجبر، بدون باب.. يبدو انه للحكاية بقية

الباب والبحر

قرر في ذلك الصباح ان يخلط عمدا بين الطيور، طيور المساء ككل مساء، مذ كان الشارع له، تقريبا له، شارع الطيور، سيخلط كما يخلط البعض بين الباء والماء وبين الراء والداء، وكان الشارع، هذا الشارع، له، سيخلط عمدا بين الاجنحة و رؤوس الاشجار، كما يقع البعض عمدا في الباء والعين معا فيثغو ويثغو... طائر معدني واحد يكفي، منهم، ويكفيهم وقبلة مجهولة، تقريبية، بجهاز ردار تقريبي، يخلط عن ضعف التردد الذبذبي ما بين الزوبعة والجبل، بين الامس واليوم، ومقعد مريح على جناح طائر معدني يريح الجميع، قبل انبلاج الصبح، وخروج العصافير لملاقاة الصبح، مقعد واحد يكفي، والسماء تنهال عليه، من خلف الزجاج، بمطر توقف في ديارهم عن سوء قيادة الاسطرلاب الاوحد (من العهد الحفصي؟)، وما واصل سيره للصحراء الكبرى عن تردد الذبذبة التقريبية مرة اخرى، وسوء التعليم وانهيار جدار المدرسة منذ سنين، مرة اخرى... طائر معدني واحد يكفي، لا يكذب، وان فعل فعن ضعف اشارات الرادار، موديل قديم يخلط بين حامل الرادار ومصدر الاشارة، وسوء الاحوال الجوية طبعا... عبثا تتزين هذه البنية في ثوب دون الركبة باربعة اصابع اتهام بالوان شركة الطيران الوطنـ.. وتوأمتها القادمة من هناك، من آخر الممر الضيق، الجاف الممتد امام العين، "قاف" في غير محلها... ماذا اشرب؟ هل هذا سؤال؟ قهوة؟ قاف طائشة! ابنة السبيل... في الممر الضيق، الطويل... قهوة من ابريق للجميع، ومن البلاستيك هو ايضا! اين النار ونحاس الجزوة؟ من ابريقك هذا الجماعي اسقي زوجك قهوتك هذه مع الجماعة صباحا مساء حتى ينفلق، تسمين هذا قهوة؟ فنجان كذب مع ابتسامة كذب في فجر صدق تنفذه الصبوح... كالعادة... اتضح ان جارته ربة المحراب، ربة المحراب من الرعيل الاول على الاقل، نظرات سخط واتهام ونقمة نحو انامله تفتح في حركاتها الحاذقة علبة شراب الشعير، علبة من معدن... لا يثق الا بالمعدن، وان فعل فهو السيرك اليومي ومحاربة السأم... لا يثق الا بالطائر المعدني، يضمنه معدنه، ان وقع وأهلك الجميع لن يقول : "ولكنني حملتكم بسلام السنة الماضية"، او اقبح من ذلك : "ولكنني خفيف في ظروف اخرى" وانت تكلمه عن هذه الظروف بالذات وهذه الوقعة الكبرى بالذات... سيصمت المعدن في قاع البحر، كما يصمت الجماد، في حكمة الجماد و... كبرياء الجماد، سينام في قاع البحر غير بعيد اينما كان عن الباب... لانه حتى بعد الخلع، الذي حصل فعلا، يبقى الباب دائما قريبا من البحر...

mardi 5 janvier 2010

حديث التراب


لمارسم بابلو بيكاسو بورتريه غرترودة شتاين وكان ذلك سنة 1946، قيل له من جملة ما قيل، انها لا تشبهها كثيرا و ردّ بيكاسو وقتها: اعطوها القليل من الوقت، ستصير مع الايام تشبهها... ولم يقل منْ ستصير تشبه منْ... اولا، ما قال مباشرة من ستصير تشبه من، ثم
لو دفعنا رؤية بيكاسو الى الاقصى فان الكل يتشابه في نهاية الامر، مع مرور الزمن، الكثير من الزمن... ما يكفي من الزمن