lundi 11 janvier 2010

في الحديد والميتافيزيقا

اعادة



اذكر فضولا آخر... ادخلتُ رأسي بين قضبان حديدية على النافذة الوحيدة في اول مؤسسة تعليمية للصغار وذلك في اليوم الاول، في الدقائق الاولى... كلّفني ذلك الفضول وقتا وانا حبيس القضبان، مؤخرتي الى القسم، والاطفال يضحكون حتى خلّصني المعلم... بعد الخلاص، انهالت الاسئلة "ماذا هناك"؟ اسئلة من صبية ما تعرفت عليهم بعد... ما اجبت مباشرة، تريثتُ برهة، اتفحص الوجوه الجديدة التي تختلف عن الوجوه التي الفتها بالبيت، اتفحص واتعرف على الوجوه و... انتقمُ من ضحكهم على منظري لما كنت حبيسا، يدفعون الثمن، وفي ذلك عدالة، بعض العدالة... اصمتُ... امطط الوقت وانتشي من عجزهم وفضولهم... وخصوصا من قيمة كلماتي... ثم لما شعرت ان فضولهم يمكن ان يفتر وانني يمكن ان افقد اهتمام الجماهير اطلقتُ العنان للكذب، اكذب واكذب واقص خزعبلات لا اذكرها الان، لا اذكرها فعلا، كذبت كثيرا في ذلك اليوم الاول في الساعة الاولى من المسيرة الدراسية والاهم في اول لقاء لي مع الناس، اذ ما كان بالبيت ناس، بالبيت اهل وهؤلاء الصبية هم اول البشر عندي... وكذبت لانني ما رأيت شيئا، كنت كالاعمى، اذ ذُعرت من الفخ الحديدي حتى نسيت سبب زيارتي للميتافيزيقا وتجمعتْ كل طاقتي في حركة غريزية قوية مصممة اسحب بها رأسي الى الخلف، ولا شيء آخر، الى الخلف مهما كان الثمن، فالخلف فالالم، واشعر بالالم من القضبان حول رقبتي... الشباك كان يفتح على فضاء خلف تلك الروضة، خلف العالم وقتها، فضاء داخلي لا يراه الاولاد ابدا، واردتُ، من الدقيقة الاولى ان اعرف ما به.. تذكرتُ ذلك الصباح لما اصبحت اول مرة بعد سنين طويلة، وبعد ان رأيت من وجوه البشر الوانا، خلف قضبان اخرى لم اكن اعرف ما خلفها ايضا... قضبان غليظة هذه المرة، ما احسنتُ اختيار الوقعة... قضبان لن يبعدها عن بعضها من حول رقبتي معلم مهما كان... العكس، من بعض من كان معلمي هو الذي قرّبها بدروسه من بعضها حولي رقبتي... اذكر الاول (المنقذ) والثاني (المضلل)، في حركة المد والجزر، الخلاص والوقوع، ذهب الاول، كما تذهب كل الاجساد يوما، وصار الثاني من الاصدقاء، علاقة صداقة متينة، يربطني به الحديد... وهل هناك ما هو امتن من الحديد؟ والى الآن اجهل ماذا كان في ذلك الفضاء خلف الروضة...

4 commentaires:

brastos a dit…

منذ زمن لم أقرا نصا على هذه الدرجة من اللذة

اقول اللذّة .. و أعي ما أقول

لم يكن اعتباطيا تحديد بياجي لسنّ الدخول للمدرسة (ستة سنوات)..فابتداء من ذلك العمر يدخل الطّفل ما يسمّى بـ"فترة الكمون" (كـُـمون موش كـَـمـّون هههه)عندما يخلد الطّفل الى الرّاحة بعد عناء البحث عن هويته الجنسية ، و مصدر مجيئه الى هذه الحياة ، و تأكّده من أنّ امّه حبيبة أبيه و ليست حبيبته هو
او انّ اباها حبيب امّها و ليس حبيبها هي

توصف تلك الفترة بانها فترة عقلانية ، إذ انّها تلي فترة الحمّى الوجدانية/الجنسية التي تميّز الطفولة الاولى (الخمس سنوات الاولى) عندها ، يصبح الذّهن قادرا و جاهزا للاستيعاب، و يدخل الاطفال للمدارس


جميل جدا ان يستهلّ الفررر .. فترة كُمونِه بصراع بين الحديد و الميتافيزيقا

:)

ferrrrr a dit…

أهلا براستوس، اظن ان البداية كانت بين الحديد والميتافيزيقا وكل المؤشرات تقول ان النهاية لن تبتعد كثيرا عن هذه المادة، او العنصر وهي اصح بنظري، و عن هذاالمفهوم

brastos a dit…

واش قولك كي نلقالك توليفة بيناتهم
؟
هنا

ـ"و انزلنا الحديد فيه بأس شديد و منافع للناس "ـ

:)

ferrrrr a dit…

صحيح، هذه نقش حديدة